Tuesday, February 26, 2008

بيت بنفسجي في نهاية العالم
قد يبدو هذا العنوان غريبا بعض الشيء لكن إن قرأت ما سأكتب حتى النهاية قد تفهم لما اعتقد أن هذا البيت يقع في نهاية العالم بالنسبة لي ...



دهن هذا المنزل حديثا فوق لونه القديم الذي كان جميلا و متناسقا ، أول ما وقع نظري على هذا البيت أثار في نفسي مشاعر عدة ، مختلفة ، و متنوعة ، ربما بدأت بالصدمة ثم الفزع ثم الدهشة ثم التقزز ثم القرف ثم الفزع و الصدمة ثانية ووصولا إلى الغضب و الاستنكار
أعنى حقا ، ألا يثير هذا البيت البنفسجي اللون كل هذه المشاعر في اى إنسان له إحساس فطرى و طبيعي بالذوق السليم !!
فهذا اللون البنفسجي الصارخ من وسط الأتربة ، يبدو كنكتة سخيفة أو كوحش سخيف متزين يؤذى العيون لمجرد النظر إليه ؟؟
بات تلوين المنازل بلا حساب ولا رأى للذوق العام فيه ، أنا أحب الألوان ، و أحب اللون البنفسجي مثلى مثل الكثير ، لكنى مثلى مثل الكثير لن أحب أبدا مشاهدة مساحات واسعة من هذا اللون تغطى منزلا كاملا ، حتى يبدو كأنه صندوق العاب مسكين او مكانا مشبوها و غير لائق .
في دول العالم المتقدم قبل أن يدهن اى شخص منزله لابد ان يأخذ تصريحا باللون و يجب ان يكون داخلا ضمن حدود الذوق العام و حدود ألوان المدينة ، أما نحن بلد الحرية و الديمقراطية الشعبية ، فأي شخص بإمكانه ان يدهن بيته بأي لون أحبه و ان يعبر عن ذوقه و ان كان مفزعا لكل الناس و أن يؤذى أعين المشاهدين له بكل جراءة .
حقا اشعر بالأسف على المنازل المحيطة به ، لا ادرى كيف سأحيا ان كنت كل صباح سأفتح شباك نافذتي لتصعقني كل هده الأشعة البنفسجية ، و لكنه قد يكون ذا فائدة لهم فى نفس الوقت ، فألان صار بإمكان من يجاور هدا المنزل ان ينعت عن بيته بكل بساطة فسيقول : تعالى فى المكان كذا بجانب البيت البنفسجي ، و للأسف هدا البيت ليس سابقا لنوعه . في خلال الأربعة سنوات الأخيرة بدأت الحظ هده الظاهرة الغريبة فى كثير من البيوت الحديثة ، بعضهم وردى ، بعضهم بنفسجى و ألوان أخرى كثيرة لا تخطر على الخاطر ... و هذا ما جعلني ان أتساءل عن السبب ؟ سيقول الكثير ان السبب هو قلة ذوق أصحاب المنزل فى الألوان و عدم تدخل الحكومة فى اختيار الناس لألوان منازلهم ، ان كان السبب هكذا فلا بأس ، فلكل ذوقه ، حتى ان كان بعضهم ذا ذوق يصدم الناس و يجرح مشاعرهم و يؤذى أعينهم ، لكنى اعتقد ان السبب اخطر من هذا بكثير ، لان هذا لم يحدث فى السابق ، فهذه ظاهرة حديثة بحثه ، و هي ما جعلني أفكر في هذا الأمر...
إننا و أخيرا قد وصلنا للقمة .............
فالإنسانية الفكرية و الإبداعية قد وصلت لقمة الجبل , و ما بعد القمة إلا الهاوية و السقوط ..

فكر العديد من البشر فى نهاية العالم ، كيف ستنتهي الإنسانية من وجه الأرض ، كيف سننقرض ، المسلمون يعتقدون أن نهايتنا هى يوم القيامة ، يوم الحساب حين تتحرك الجبال و يخرج الأموات من قبورهم و ننتقل جميعا للسماء ، و من الناس من يميل للتفسير العلمى ، فقد يحدث سبب فيزيائي يجعل الشمس تختفي أو تحجب فتموت النباتات فى ساعات معدودة و ينقطع الأوكسجين عن الهواء و نعدم حتى أخر إنسان على الأرض ، أو قد يحدث وباء فيروسي يهلك كل مخلوقات الأرض ، أو ، أو الى كثير من هذه الأسباب .

لكن ماذا عن نهايتنا كبشر مبدعين و مفكرين و منتجين ، متى سننتهي ، متى سننقرض ، فان كان العقل البشرى واحد ولكن على مستويات مختلفة ، ألا يفترض أن تنتهي أفكارنا قبل أن ننتهي نحن .
فهل سيأتي اليوم الذي سيكون فيه كل فكرة حسنة و جيدة قد سبق أن ولدت ؟
أن تكون كل قصة جيدة فد سبق أن كتبت و أن نصل لليوم الذي لا نجد ما يمكن أن نضيفه عليها ؟
أن تكون كل أغنية جيدة قد سبق أن الفت و لحنت و غنت ؟
أن يكن كل فلم سينمائى او ثقافي او وثائقي قد سبق ان أنتج و يأتي يوم ان لا نجد شيئا جيدا لنضيفه عليهم ؟
أن يأتي يوم و يكون كل شيء جيد يمكن أن يولد من عقولنا قد سبق أن ولد و لا شيء لنضيفه ؟
ببساطة أن يأتي يوم و نكون قد وصل الإنسان في إنتاجه الفكري و الحضاري إلى قمة الجبل ، و أن يكون الإنسان قد وصل لنهاية العالم .
و لا خيار لنا إلا أن نبقى في القمة ، و لكن هذا يعنى التكرار، ان نكرر كل فكرة قد سبق ان ولدت و إلى الآبد ، ولكن الإنسان ملول من التكرار ، فلا حل إذا إلا أن ننزل من سطح القمة ، و من هناك إلى الهاوية ، حيث نبدأ في مسيرة إنسانية جديدة ، و لكنها نحو الهاوية ، و من هنا تبدأ ولادة عهد جديد من الأفكار ، أعنى الأفكار السيئة بدل الحسنة ، و فأن كان ذلك صحيحا ، فماذا سيحدث بعد أن نصل لقاع الجبل ؟؟؟
لا أدرى ؟؟
كل ما أدرى ، انه حاليا ، لكي نتوقف عن التكرار يجب أن ننزل من قمة الجبل إلى الهاوية ، فبإمكاننا أن ندهن بيتنا بالألوان السيئة ، كبيت بنفسجي في نهاية الإنسانية الجيدة ، في نهاية العالم الفكري لنا ...