Tuesday, March 18, 2008

استحملناكم سنوات

يحكى أنه في عام 1946 ، دخل فارس بيك الخوري ، ممثل سورية في الأمم المتحدة ، إلى مجلس الأمن ، بطربوشه الأحمر وبزته البيضاء الأنيقة ، قبل دقائق من موعد اجتماع المجلس الذي طلبته سورية من اجل رفع الانتداب الفرنسي عنها ، و اتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا.
بدء السفراء بالتوافد إلى المجلس مبدين دهشتهم من جلوس فارس بيك ، المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته ، على المقعد المخصص للمندوب الفرنسي ، تاركا المقعد المخصص لسورية فارغا.
وللعلم ، فأن فارس بيك كان احد مؤسسي الأمم المتحدة (ومن أشد المعارضين لصيغة مجلس الأمن) و هذا يفسر ذهول الوفود من تصرفه. يعني ، فارس بيك ، أحد واضعي نظام الأمم المتحدة ، لا يعرف بروتوكول المقاعد المخصصة ؟؟ دخل المندوب الفرنسي ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا ... فتوجه إليه و بدأ يخبره أن هذا المقعد مخصص لفرنسا ، ولهذا وضع أمامه علم فرنسا ، و أشار له إلى مكان مقعد سورية ، مستدلا عليه بعلم سورية. ولكن فارس بيك لم يحرك ساكنا ، بل بقي ينظر إلى ساعته .... دقيقة ، اثنتان ، خمس ....
استمر المندوب الفرنسي في إفهام فارس بيك بأن هذا المكان مخصص لفرنسا وبأن مكان سورية هو محل العلم السوري ، ولكن فارس بيك بقي جالسا واستمر بالتحديق إلى ساعته: عشر دقائق ، احد عشرة ، اثنا عشرة دقيقة ، تسع عشرة دقيقة ، عشرون ، واحد وعشرون ... و اهتاج المندوب الفرنسي ، و لولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس بيك لكان دكه.
وعند الدقيقة الخامسة والعشرين ، تنحنح فارس بيك ، ووضع ساعته في جيبه ، ووقف ، بابتسامة عريضة تعلو شفاهه وقال للمندوب الفرنسي: سعادة السفير ، جلست على مقعدك لمدة خمسة وعشرين دقيقة ، فكدت تقتلني غضبا وحنقا ؛ سورية استحملتكم خمسة وعشرين سنة ، وآن لكم أن تذهبوا عنها.
في هذه الجلسة ، نالت سورية مرادها ..... و بعدها ، جلي آخر جندي فرنسي عنها



2 comments:

Unknown said...

Thank you posting it in larger font and bold as it was was easy for me to read. Is it possible to change your previous post about Violet House to the same size of font and bold.

Super-Ego said...

فعلا الرجال محاضر وليس مناظر ....تحياتى